- ضجيج الأفكار المتواصل يمنعك من إيجاد ذلك العالم المفعم بالهدوء الداخلي ويخلق نفسًا مزيفة فتظن أن ذاتك وعقلك واحد. إفصل الذات عن العقل. أنت لست أفكارك. العقل أداة رائعة إذا استخدم بشكل صحيح، وهنا مكمن الخلل، فأكثر الناس لا يستخدم عقله لكن العقل هو الذي يستخدمه، استولت عليه الأداة. هناك عالم فسيح خلف الأفكار.
- كلنا نسمع أصواتًا في رؤوسنا. حوارات دائمة. صوت قد يحيي الماضي، أو يتدرب على تصور احتمالات مستقبلية وغالبًا يتخيلها تسير على نحو خاطئ، وهذا ما يسمى القلق. هذا الصوت نتاج تاريخك الماضي إضافة إلى المناخ الثقافي والمجتمعي الذي ورثته. عندما ترى الحاضر بعيون الماضي تحصل على نظرة مشوهة. كثيرون يعيشون معذبين بهذا الصوت. يهاجمهم ويعاقبهم ويستنزف قواهم وذلك سبب البؤس والتعاسة.
- المدمن على التفكير متطابق معه، يستمد إحساسه بالذات من محتوى العقل ونشاطه. فإذا أوقف التفكير يتوقف عن الوجود. عليك أن تدرك أن التفكير أداة موجودة لخدمتك في مهمات محددة. س: إذًا تريد أن لا أستخدم عقلي ؟! ج: ليس الأمر كذلك. العقل أداة نافعة جدًا، والتنوير ارتفاع فوق الفكر وليس سقوط إلى مستوى دون التفكير كمستوى الحيوان والنبات. السيطرة على العقل مرحلة في تطور الوعي. أنت تستخدمه لأغراض عملية لكنك حر من الحوار الداخلي اللاإرادي، وهنا يكمن الهدوء والاستقرار الداخلي.
- العاطفة هي ردة فعل الجسد تجاه الفكرة، أو بصيغة أخرى انعكاس العقل على الجسد. إن كان هناك صراع واضح بين العقل والعاطفة فالفكرة كذب والعاطفة هي الحقيقة. لا الحقيقة المطلقة لمن أنت، بل الحقيقة النسبية في ذلك الوقت.
- لنأخذ مثال عن الفرح. عند المتطابق مع عقله، ما يسميه الفرح هو في الحقيقة جانب من السرور القصير لدورة (الألم\السرور) المتتابعة، وتحدث هذه الدورة لأن هذا السرور يُستمد من شيء خارجي (شخص أو حدث أو شيء..إلخ) والشيء الذي يمنحك السرور اليوم قد يحزنك غدًا. ومن ناحية أخرى كل أمر وجوده يسبب لك الفرح في المقابل غيابه يسبب لك الألم. لذا عليك أن تعي بجعل الفرح ينبع من الداخل وليس من الأشياء. وما يشار إليه أنه حب غالبًا هو قلق إدماني وحالة تعلق إلى حد بعيد يريد فيها الشخص امتلاك شخص آخر لنفسه، ومثل هذا الحب يمكن أن يتحول لعكسه في ثانية. الحب الحقيقي لا يجعلك تتألم. الحب الحقيقي مطلق دون شروط. يقول بوذا: (كل ألم منشأه تعلق). اقطع حبال التعلق.
- أصغ للفكرة. راقبها. لا تحكم. فقط استمع. عندما تستمع للفكرة فأنت واع لنفسك والفكرة عندئذ تفقد سلطتها وسرعان ما تهمد. عندما تهمد الفكرة تحصل فجوة في التيار العقلي. في البداية ربما لبضع ثواني لكنها تطول بالتدريج. لحظات ستشعر فيها بالطمأنينة والهدوء. في كل لحظة تخلق فيها فجوة في التيار العقلي فإن وعيك يرتفع.
==
بتصرف من كتاب قوة الآن
إيكارت تول